وكالة أنباء الحوزة - في خطبة الجمعة التي ألقاها في العاصمة بغداد، وجّه آية الله السيد ياسين الموسوي انتقادات لاذعة إلى المشهد الانتخابي الراهن، معتبرًا أن الحملات الدعائية للمرشحين "ابتعدت عن جوهر العمل النيابي، واقتربت من الاستعراض والصورة الشكلية".
وقال الموسوي: أينما تتجه لا تجد مساحة خالية من صور المرشحين وإعلاناتهم، وهذا أمر طبيعي في موسم الانتخابات، لكن غير الطبيعي أن تكون معظم هذه الصور لا تعبّر عن حقيقة المرشح أو مشروعه السياسي، بل تظهره في صورة رسمية أو بلقب أكاديمي أو عشائري بعيد عن مهام البرلمان.
وأضاف: مجلس النواب ليس مجلس أعيان ولا جامعة، بل مؤسسة تشريعية تحتاج إلى ممثلين ينبثقون من واقع الشعب ويعرفون همومه.
وأكد أن كثيرًا من المرشحين لا يمتلكون برامج واقعية، ولا رؤية واضحة لما يريدون تحقيقه، مشيرًا إلى أن الناخب العراقي بحاجة إلى من يتحدث باسمه، لا إلى من يضع صورته بجانب صورة زعيمه.
وأوضح أن من يعلّق صورته مع زعيمه إنما يعلن صراحة أنه تابع، وأن القرار ليس بيده، وهذا ما يعمّق أزمة الثقة بين المواطن ومؤسساته المنتخبة.
وفي جانب آخر من حديثه، توجه الموسوي بالخطاب إلى القوى السياسية والنواب السابقين، داعيًا إياهم إلى التوقف عن تكرار التجارب الفاشلة منذ عام 2003".
وقال: "كل دورة انتخابية تخرج لنا أسماء جديدة لكنها تعيد نفس الأخطاء، وكأننا ندور في حلقة مفرغة. آن الأوان أن نكون واقعيين وأن نعيد الصلة المفقودة بين السياسي والشعب".
وأشار إلى أن نسبة المشاركة المتدنية في الانتخابات الماضية "تعكس فقدان الناس الثقة بالعملية السياسية"، مؤكدًا أن "المرجعية العليا في النجف الأشرف ترى ضرورة المشاركة في الانتخابات باعتبارها السبيل الدستوري للتغيير، حتى وإن كانت الخيارات محدودة".
وأضاف: من دون مشاركة حقيقية للناخبين، لا يمكن لأي قوة سياسية أن تدّعي تمثيل الشعب، ومن يعتمد على العزوف الجماهيري فهو يأتي إلى المجلس بأصوات قليلة وبحجمٍ مصغّر.
وفي رسالته الثانية، توجه الموسوي إلى الناخبين، قائلاً: "أنتم تملكون القرار، وقد جرّبتم المرشحين طوال 22 عامًا. لا تمنحوا أصواتكم لمن خذلكم أو تنكّر لكم بعد وصوله إلى المجلس".
وأضاف: شراء الأصوات وتوزيع الأموال على العشائر والقرى الفقيرة ظاهرة خطيرة، لكن بإمكان المواطن أن يواجهها بعدم التصويت لمن لا يستحق.
وشدد على أن المطلوب هو البحث عن من يمثّل الشعب بصدق، ويتحدث بلسان طبقاته المختلفة من فلاحين وعمال وشباب ومثقفين.
وأوضح الموسوي أن "انتقاده لا يستهدف الأشخاص، وإنما ينبع من حرصٍ على أن يرى عراقًا سيدًا مستقلًا مبنيًا على أسس الدولة العادلة".
وانتقل السيد الموسوي إلى الشأن الدولي، معبّرًا عن استغرابه من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعيين ممثل خاص له في العراق.
وقال: هذه الخطوة إهانة لسيادة العراق، فترامب لا يعيّن ممثلين خاصين إلا في الدول غير المستقرة التي يريد أن يُبقيها تحت نفوذه.
وأضاف: أين الاستقلال إذا صار للعراق ممثل خاص باسم دولة أجنبية؟ هل فعل ذلك مع السعودية أو مصر أو الكويت؟ إنهم يريدون وصاية جديدة، وهذا مرفوض.
وأكد الموسوي أن "العراق أرض مقدسة ارتوت بدماء الشهداء، ولا يمكن وضعها بيد أي قوة خارجية"، مشددًا: "نحن لا نرفض العلاقات الطبيعية مع الدول، لكننا نرفض التدخل في شؤوننا الداخلية، سواء من أمريكا أو من إيران أو من تركيا أو من السعودية أو من أي جهة أخرى".
وختم قائلاً: السيادة لا تتجزأ، والاستقلال لا يُشترى. العراق يجب أن يُدار بقراره الوطني، بعيدًا عن الشعارات الفارغة والتبعية السياسية.





تعليقك